وكالة أنباء الحوزة - التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم (الإثنين) 3/11/2025، عشيّة «الثالث عشر من آبان»؛ «يوم التلميذ في إيران واليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي»، جمعاً من تلامذة المدارس وطلاب الجامعات، وعددًا من عائلات شهداء الحرب المفروضة ذات الأيام الاثني عشر.
وأشار الإمام الخامنئي إلى بعض التصريحات الأمريكية التي تتحدث عن الرغبة في التعاون مع إيران، قائلًا: «إنّ التعاون مع إيران لا ينسجم مع دعم أمريكا للكيان الصهيوني الملعون».
ووصف سماحته استمرار دعم أمريكا للكيان الصهيوني رغم انكشاف فضائحه وإدانته أمام الرأي العام العالمي بأنه طلب بلا معنى وغير مقبول حين يقترن بطلب التعاون مع إيران.
وأردف قائد الثورة الإسلامية: «إنْ تخلّت أمريكا تمامًا عن دعم الكيان الصهيوني، وسحبت قواعدها العسكرية من المنطقة، وكفّت عن تدخّلاتها، يمكن عندئذ بحث هذا الأمر، لكنه ليس مطروحًا في الوقت الراهن، ولا المستقبل القريب».
وتطرّق سماحته إلى جذور العداء الأمريكي للشعب الإيراني، وإلى أبعاد قضية السيطرة على وكر التجسس الأمريكي عام 1979، قائلًا: «إنّ اقتحام السفارة الأمريكية على يد الشباب يُمكن النظر إليه من زاويتين: تاريخية وهويّاتية».
ورأى الإمام الخامنئي أنّه من منظورٍ تاريخي، يعدّ يوم الثالث عشر من آبان وعملية السيطرة على السفارة الأمريكية عملًا بطوليًا ويمثّل يوم فخرٍ وانتصارٍ للشعب الإيراني، مشيرًا إلى أنّ تاريخ إيران يضم أياماً للانتصار وأيامًا للضعف وكلاهما يجب أن يُحفَظ في الذاكرة الوطنية.
وفي بيانه للبعد الهويّاتي لهذه الحادثة العظيمة قال سماحته: «لقد كشفت السيطرة على السفارة عن الهوية الحقيقية لإدارة الولايات المتحدة الأمريكية، كما أظهرت الهوية الحقيقية للثورة الإسلامية وجوهرها».
كما أشار سماحته إلى الجذر القرآني لكلمة «الاستكبار»، وبيّن أنّ معناها هو «التكبر والاستعلاء» مضيفاً: «إنّ بعض الحكومات، كالحكومة البريطانية في زمن مضى، واليوم الحكومة الأمريكية، تمنح نفسها الحق في التصرّف بثروات الشعوب ومصائرها، فتقيم قواعد عسكرية في البلدان التي تفتقر إلى حكومة قوية وشعب يقظ، وتنهب نفط الشعوب وثرواتها وهذا هو الاستكبار الذي نعاديه ونهتف ضده».
كذلك، أشار قائد الثورة الإسلامية إلى «تواطؤ بريطانيا وحلفائها لإسقاط حكومة مصدّق»، مذكّراً بـ«سذاجة الأخير حين طلب العون من أمريكا للخلاص من شرّ الإنجليز»، وقال: «الأمريكيون ابتسموا له، لكنهم من خلفه، وبالتعاون مع البريطانيين، دبّروا انقلاباً أطاح بالحكومة الوطنية، وأعادوا الشاه الفار إلى إيران».
وأوضح الإمام الخامنئي أنّ «أوّل مواجهة لأمريكا مع الثورة الإسلامية تمثّلت في قرار عدائي أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي»، مضيفاً: «ازداد غضب الشعب الإيراني عندما سمحت أمريكا بدخول محمد رضا إليها، إذ أدرك الإيرانيون أنّ واشنطن تُعِدّ لتكرار انقلاب "28 مرداد" (19/8/1953)، وتمهّد لعودة الشاه، فخرجوا إلى الشوارع، وكان من نتائج تلك التظاهرات اقتحام الطلاب للسفارة الأمريكية».
وبيّن سماحته أنّ «نية الطلاب في البداية كانت البقاء داخل السفارة ليومين أو ثلاثة فقط لإيصال صوت الغضب الشعبي إلى العالم، لكنهم عثروا على وثائق كشفت أنّ القضية أعمق بكثير، وأنّ السفارة الأمريكية كانت مركزاً للتآمر والتخطيط لإسقاط الثورة».
وتابع سماحته: «عمل السفارات في العالم عادة هو جمع المعلومات، لكنّ سفارة أمريكا كانت قد تحوّلت إلى غرفة تآمر تنظّم فلول النظام البهلوي وبعض ضباط الجيش وغيرهم للتحرّك ضد الثورة، لذلك قرّر الطلاب بعد أن أدركوا هذا الأمر أن يُبقوا السفارة تحت سيطرتهم».
ورأى قائد الثورة الإسلامية أنّ «تفسير حادثة اقتحام السفارة على أنها أصلُ الخلاف بين إيران وأمريكا غيرُ دقيق»، مؤكداً أنّ «مشكلتنا مع أمريكا بدأت منذ انقلاب "28 مرداد" (19/8/1953)، لا منذ "13 آبان" (4/11/1979)»، موضحاً أنّ «احتلال السفارة أدّى إلى كشف مؤامرة كبرى ضد الثورة، وأنّ الطلاب عبر هذا العمل المهمّ وتمحيص الوثائق استطاعوا فضح طبيعة تلك المؤامرة».
وأكد سماحته أن «العلة الأساسية للعداء الأمريكي تجاه الثورة الإسلامية تكمن في اقتلاع تلك 'اللقمة الشهيّة' من فم أمريكا، وما تبعه من انقطاع لهيمنتها وسيطرتها على مقدّرات إيران وثرواتها»، مضيفاً أنّهم «لم يكونوا مستعدين للتخلّي بسهولة عن إيران، فبدؤوا منذ البداية تحريضاتهم ليس ضدّ الجمهورية الإسلامية فحسب، بل ضدّ الشعب الإيراني».
إلى ذلك، رأى قائد الثورة الإسلامية استمرار عداء أمريكا للشعب الإيراني عبر السنوات الماضية «دليلاً على صدق قول الإمام الخميني (قده) حين قال: صبّوا كلّ ما عندكم من صرخة ضدّ أمريكا».
وأوضح الإمام الخامنئي أنّ «العداء الأمريكي لم يكن بالكلام فقط، بل استخدمت كلّ ما استطاعت من وسائل: الحظر، المؤامرات، دعم أعداء الجمهورية الإسلامية، تحريض صدّام ودعمه في عدوانه على إيران، إسقاط الطائرة المدنية الإيرانية وفيها 300 راكب، الحرب الإعلامية والهجوم العسكري المباشر لضرب مصالح الشعب الإيراني»، مؤكداً أنّ «جوهر أمريكا الاستكباري لا ينسجم مع جوهر الاستقلال لدى الثورة الإسلامية، وأنّ الخلاف بين أمريكا والجمهورية الإسلامية ليس خلافاً تكتيكيًا أو ظرفيًا، بل هو خلاف جوهريّ».
كما رأى سماحته أنّ «من يقول إنّ شعار الموت لأمريكا هو سبب العداء الأمريكي إنما يحرّف التاريخ»، وأضاف: «هذا الشعار ليس السبب الذي يجعل أمريكا تعادي الشعب الإيراني، فالمشكلة بين أمريكا والجمهورية الإسلامية هي تضادّ جوهريّ في المصالح وانعدام الانسجام في الجوهر».
وأشار سماحته إلى «تساؤل بعض الأشخاص: نحن لم نستسلم أمام أمريكا، فهل هذا يعني أننا لن نقيم معها علاقات إلى الأبد؟»، مجيبًا: «الطبيعة الاستكبارية لأمريكا لا تقبل إلّا بالاستسلام، وقد أراد ذلك جميع رؤسائها وإن لم يصرّحوا به، لكنّ الرئيس الحالي قاله صراحة وكشف باطن أمريكا».
وأكد الإمام الخامنئي أنّ «توقّع استسلام الشعب الإيراني، وهو يملك هذه القدرة وهذا الوعي والثروة والتاريخ الفكري والمعرفي وشبابه اليقظين والمفعمين بالدوافع، أمر عبثيّ لا معنى له»، مضيفاً: «لا يمكن تخمين المستقبل البعيد، لكن في الوقت الحاضر يجب أن يعلم الجميع أنّ الحلّ لكثير من المشكلات هو في أن نغدو أقوياء».
وختم سماحته حديثه بمناسبة ذكر اسمي السيّدتين فاطمة الزهراء وزينب الكبرى (عليهما السلام)، موصيًا الشباب أن «يقتدوا عمليًا بهاتين القمّتين الساطعتين وأن يشجّعوا من حولهم على التأمل والتعلّم من سيرتهما وسلوكهما».





المصدر: قناة KHAMENEI.IR على تليغرام
            
                
                                        
                                        
                                        




تعليقك